ملامح مشروع العدالة الانتقالية

الثلاثاء, 09 أبريل 2019 02:29

ملامح مشروع العدالة الانتقالية

مقدمة: اتسم الوضع السياسي في السودان منذ استقلاله بعدم الاستقرار، وشهد نزاعات سياسية بشكل مستمر، وتجاذبت البلاد تيارات انقلابية متعددة جرتها إلى بحور من الدماء، وحولتها إلى سجون ضيقة تعتقل الناشطين، وأخرى واسعة تعتقل الرأي وتصادر الحق في حرية التعبير إلا بما يتناسب ومزاج الحاكم المستبد لا سيما في عهد النظام البائد.

 

تعرض القضاء السوداني لأسوأ عملية تصفية من العناصر المهنية التي جرى استبدالها بعناصر “حزبية” موالية للنظام الحاكم والحركة الإسلامية. وفي الوقت الراهن تلاحق المحكمة الجنائية الدولية متهمين يشتبه في ارتكابهم لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقا للإحالة من مجلس الأمن بموجب القرار ١٥٩٣ في عام ٢٠٠٥، وأسباب الإحالة كما هو معلوم: أن جرائم مثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في حق مواطنين سودانيين في إقليم دارفور في الفترة الممتدة منذ عام ٢٠٠٣م، وأن القضاء السوداني غير قادر وغير راغب في تحقيق العدالة وفي إنصاف الضحايا وذويهم.

 

لكل ما تقدم ذكره ومن اجل تهيئة المناخ لتحول ديمقراطي حقيقي، ومن أجل رفع الضرر ورد المظالم نتقدم بالرؤية التالية لبدء تنفيذ إجراءات عدالة انتقالية جذرية وراسخة.

 

ملامح الرؤية:

 

  1. إصدار قرار سيادي من المجلس الرئاسي الانتقالي يهدف لإزالة مظهر وجوهر سياسة دولة الحزب الواحد التي مارسها المؤتمر الوطني.

 

  1. إصدار قرار سيادي من المجلس الرئاسي الانتقالي بإصلاح كافة الأجهزة الأمنية والمخابراتية، وحل المليشيات العسكرية للنظام البائد خارج إطار القوات المسلحة السودانية. (يرجى مراجعة مشروع إصلاح جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي أصدره حزب بناء السودان في أبريل 2019)

 

  1. إصدار قرارات تهتم بإصلاح الخدمة المدنية وإنهاء احتكار منسوبي المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية لإدارة مؤسسات الدولة.

 

  1. تأسيس محكمة جنائية مختصة يكون على الأقل 25% من أعضاءها نساء، تحدد اختصاصاتها لمحاكمة رئيس النظام السابق ونوابه ومساعديه وكافة الوزراء والدستوريين عن الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب.

 

  1. تأسيس هيئة مستقلة تعنى بإنهاء أسباب الحرب الأهلية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان ومحو آثارها يكون على الأقل 25% من أعضاءها نساء. ترتبط الهيئة بالحكومة الانتقالية، وينظم عملها واختصاصاتها بقانون مؤقت، ويتم تعريفها بأنها هيئة ذات شخصية اعتبارية مستقلة ماليا، وتتشكل من لجنة خاصة يرأسها قاضي مشهود له بالكفاءة والاستقلالية يرشحه مجلس القضاء، ويعين رئيس الحكومة الانتقالية أعضاءها، وتكون للهيئة ميزانية اعتيادية وميزانية استثمارية. تكون أهم محاور عملها:

أ. خلق آليات من شأنها تسهيل وصول المتضررين إلى العدالة مع ضمان أمنهم وسلامتهم.

ب. تشكيل محكمة جنائية مختصة بالجرائم ضد الإنسانية وفق الضوابط التالية:

  • يكون على الأقل 25% من أعضاءها نساء.
  • تعرف المحكمة بأنها هيئة قضائية مستقلة، وبذلك فإنها تعتبر مستقلة عن جهاز القضاء السوداني سواء من حيث الميزانية أو الارتباط. ورغم أن قسم من القضاة ووكلاء النيابة سيكونون من قضاة الجهاز القضائي إلا أنها يمكن اعتبارها هيئة قضائية متكاملة مستقلة تمام تحقيقا ومحاكمة واستئنافا.
  • تتولى المحكمة مهمة محاكمة المتهمين ومرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية خلال الفترة ما بين ٣٠ يونيو ١٩٨٩م وحتى ١١ أبريل ٢٠١٩م.

ج. العمل على إعادة توطين مواطنات ومواطني مناطق الحروب والنزاعات الأهلية.

د. العمل على إعمار المناطق المتضررة من الحروب والنزاعات المسلحة.

هـ. دفع تعويضات مجزية لضحايا الحروب الأهلية والنزاعات المسلحة ولذوي شهداء النزاع المسلح في هذه المناطق.

و. توفير الرعاية الصحية لضحايا الحروب الأهلية من خلال التنسيق مع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، وتوفير فرص العمل والدراسة لهم بما يتناسب وكفاءتهم ومنحهم الأولوية في ذلك، وتوفير التسهيلات والمساعدات التي تمكنهم من تحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لهم ولعائلاتهم.

 

 

 

  1. تأسيس “هيئة دعم المعتقلين السياسيين والشهداء” يكون على الأقل 25% من أعضاءها نساء، وهي كذلك ترتبط بالحكومة الانتقالية، وينظم عملها واختصاصاتها بقانون مؤقت، ويتم تعريفها بأنها هيئة ذات شخصية اعتبارية مستقلة ماليا، وتتشكل من لجنة خاصة يرأسها قاضي مشهود له بالكفاءة والاستقلالية يرشحه مجلس القضاء، ويعين رئيس الحكومة الانتقالية أعضاءها، وتكون للهيئة ميزانية اعتيادية وميزانية استثمارية. تعمل الهيئة لإنجاز جملة من الأهداف أبرزها:

أ. معالجة الوضع العام للسجناء والمعتقلين السياسيين وأسر الشهداء، وتعويضهم ماديا بحيث يتناسب التعويض وحجم التضحية والمعاناة من جراء سجنهم واعتقالهم واستشهاد ذويهم، توفير الرعاية لهم من خلال التنسيق مع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، وتوفير فرص العمل والدراسة لهم بما يتناسب وكفاءتهم ومنحهم الأولوية في ذلك، وتوفير التسهيلات والمساعدات التي تمكنهم من تحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لهم ولعائلاتهم.

ب. تتولى لجنة خاصة تتبع للهيئة عملية البت في طلبات المواطنين وتقرير شمولهم بالهيئة من عدمه وتكون قراراتها بالأغلبية. وأي شخص يصدر القرار ضده من حقه التظلم خلال ٣٠ يوما من تاريخ الإبلاغ بالقرار أو اعتباره مبلغا، وبعدها تصدر اللجنة قرارها بشأن التظلم ويكون قطعيا من الناحية الإدارية، ويحق لمن صدر قرار التظلم ضده أن يشتكي أمام المحكمة الابتدائية لإثبات شموله بهيئة دعم المعتقلين السياسيين والشهداء، ويجوز استئناف قرار المحكمة الابتدائية أمام محكمة الاستئناف خلال ٣٠ يوم.

 

  1. تشكيل “هيئة حل نزاعات الملكية العقارية” يكون على الأقل 25% من أعضاءها نساء، وتعتبر هيئة مستقلة بالتنسيق مع السلطة القضائية والأجهزة التنفيذية وتتلخص مهامها في معالجة حالات التجاوز بشأن عقارات وأراضي المواطنين والحقوق العقارية بالمصادرة والاستيلاء أو الاستملاك خلاف الطرق القانونية لأسباب عرقية أو تجارية أو سياسية للفترة من ٣٠ يونيو ١٩٨٩م وحتى ١١ إبريل ٢٠١٩م،ولكون عمل الهيئة يعالج حالات لم تعالجها القوانين السابقة للمرحلة انتقالية يجب توخى تحقيق العدالة الانتقالية ومعالجة الأوضاع المعقدة التي فرضتها ممارسات النظام السابق خاصة في مناطق الحروب والمناطق التي تم تسليمها للاستثمار الأجنبي.

 

حزب بناء السودان

أبريل 2019